الحلقة 3 من الرسائل السرية بين صدام حسين وحافظ الأسد!!
شيراك
عرضَ على الأسد نزع سلاحِ حزبِ الله مقابلَ البقاءِ في لبنانَ.
أوفدَ
حافظُ الأسد نائَبه عبد الحليم خدام للقاء الرئيس الفرنسي جاك شيراك في باريس لاطلاعه
على قرارِ فتحِ الحدودِ السوريةِ -العراقيةِ المغلقةِ منذ عام 1982.
هدفُ
الأسدِ من التنسيقِ مع شيراك كان تخفيفَ أيِّ ردِّ فعلٍ أميركيٍّ عنيفٍ في
علاقاتِه مع صدام وتعزيزَ الثقةِ مع الرئيسِ الفرنسي.
التقى
شيراك مع خدام في 31 تموز/ يوليو عامَ ألفٍ وتسعمئةٍ وست وستين، ليبلغَه أنّ
الوضعَ في العراقِ الآن أصبحَ مقلقاً، وهو قنبلةٌ على وشكِ الانفجارِ وأن فتحَ
الحدودِ من شأنِه أن يضعَ كوابحَ لأيةِ مغامراتٍ جديدةٍ للنظامِ العراقي.
ردّ
شيراك: " المشكلة أنه يصعبُ اليوم أن نؤثرَ على أبي عدي (صدام) لأنّ الناسَ
لا يجرؤن على التحدثِ معه، وهذا ما يفسّرُ أننا نتحدثُ مع (نائب رئيس الوزراء)
طارق عزيز، ويحصلُ اتفاقٍ، وفجأةً يحدثُ شيءٌ آخر، لأن صدامَ مفطورٌ على هذا
النحوِ وليس هناك من يجرؤ على التحدثِ إليه".
لمشاهدة الحلقة الأولى من هنا
أرادَ
شيراك أن يبقى مضمونُ اللقاءِ سرياً، وفاجأ خدامَ بفتحِ ملفِ الوجودِ العسكريِّ
السوريِّ في لبنانَ، واحتمالِ بدءِ مفاوضاتٍ مع رئيسِ الوزراءِ الإسرائيليِّ
الجديدِ نتنياهو.
لكنّ المفاجأةَ الأكبرَ أنه قدّمَ عرضاً لافتاً:
"إذا تمّ انسحابُ الجيشِ الإسرائيليّ من جنوبِ لبنانَ، فهذا يفترضُ أن جيشَ
لبنانَ سيتولى ضمانَ كاملِ الحدودِ".
وقال
: "نحنُ حريصون على لبنانَ واستقلالِه، وكذلك على الروابطِ المميزةِ بين
لبنان وسوريا، ولن نعملَ شيئاً ضدّ سوريا وضدّ مصالحِ سوريا، الإسرائيليون يتخذون
قراراتِهم وحدهم ولا يهمُهم ما يفكرُ به الآخرون وما يرونه، بمن في ذلك
الأميركيون، وكذلك الفرنسيون".
قال
خدام لشيراك بحسبِ الوثائق: "لنفترضْ أننا أفقنا ذاتَ صباحٍ ورأينا أن
إسرائيلَ انسحبت من الجنوبِ. صدّقني لن يبكي أحدٌ من جرّاء ذلك. ولكنْ يجبُ ألا
يتمّ ذلك في إطارِ مفاوضاتٍ أو في سلامٍ منفصلٍ".
ردَّ الرئيسُ شيراك: "هذا يعرفونه تماماً، لكنّ المشكلةَ أن تستفيقوا صباحاً وتروا أن الإسرائيليين قد ذهبوا".
لمشاهدة الحلقة الثانية من هنا
فردَّ
عليه خدام : "إسرائيلُ تنسحبُ ذاتياً، إذن سوفَ تتركُ فراغاً. وهناك في
الجنوبِ، إلى جانبِ «حزبِ الله» والفصائلِ الفلسطينية، فئاتٌ أخرى. إنّ وسائلَ
الإعلامِ تضخّمُ كثيراً أمرَ «حزب الله». وعلى كلٍّ فهذا الأمرُ يناقَشُ داخلياً
وضمنَ إطارِ مصالحِ لبنانَ وليس مصلحةُ إسرائيلَ. إسرائيلُ تريدُ خلقَ مشكلةٍ في
لبنانَ، ولكن جميعُ اللبنانيين مدركون لهذه اللعبةِ. إنّ مناقشةَ مسألةِ السلاحِ
ونزعِ السلاحِ بشكلٍ مسبقٍ هو شرطٌ مسبقٌ إسرائيلي، ونتنياهو لا يريدُ شروطاً
مسبقةً".
قال
شيراك: «أكررُ، ربما كانت هذه فرضيةٌ لا أساسَ لها، أن تنسحبَ إسرائيلُ دونَ
شروطٍ. وكما تقولُ، يأخذُ الجيشُ اللبنانيُّ مراكزَه على طولِ الحدودِ، وهذا يطرحُ
مشكلةً هي وجودُ القواتِ السوريةِ في لبنانَ. الأميرُ عبدُ اللهِ والملكُ فهد
يقولان: ماذا يحصلُ للجيشِ السوريّ لدى الانسحابِ الإسرائيليِّ من الجنوب؟
فأجابَه خدام: إذا حصل الانسحابُ ولم يُنزعْ
سلاحُ (حزب الله)، فهذا سيؤدي إلى استفزازاتٍ وأمورٍ أخرى. أما إذا نُزع سلاحُه
فإن سوريا تفقدُ (شيئاً) حينئذٍ، ولا بدّ من شيءٍ مقابلَ ذلك، وهو ضمانُ وجودٍ
سوريٍّ في لبنان. ربما كانت هذه أحلاماً. ما أريدُه هو أن يكونَ لدينا اتصالٌ
قويٌّ وحميم.
وتابعَ
قائلا: نريدُ رفعَ سويةِ الاتصالاتِ بيننا. نريدُ وجوداً لفرنسا في المنطقة، لأنّ
هذه نافذةٌ تعطينا بعضَ الأملِ في الظرفِ الدوليِّ الراهنِ. هذا التوجُّه يتطلبُ
الاتصالَ والتنسيقَ والمناقشةَ.
تعليقات