/> قصة جميلة من بلاد بابل....حكم عليه بالموت لكنه نجا بفطنته وذكائه

القائمة الرئيسية

الصفحات

قصة جميلة من بلاد بابل....حكم عليه بالموت لكنه نجا بفطنته وذكائه

 

قصة جميلة من بلاد بابل....حكم عليه بالموت لكنه نجا بفطنته وذكائه


عاش في بلاد بابل قديما شاب يدعى زريق وكان على قدر عالي من الحكمة ونفاذ البصيرة ..

وفي أحد الأيام كان يتجول في الطبيعة متأملا فصادفته إحدى جواري الملكة فسألته وهي تلهث إن كان قد رأى كلب الملكة فأجابها زريق :

إنها كلبة وليست كلب وهي قصيرة الأطراف وطويلة الجسم وتعاني عرجا في قائمتها الخلفية واذناها طويلتان تخطان الأرض وقد أنجبت منذ أيام قليلة .

- هذا صحيح تماما .. إذن فقد رأيتها .

- كلا لم أرها في حياتي ولم أعلم قط أن للملكة كلبة .

وفي هذه الأثناء انضم إليهما سائس خيول الملك وسأل زريق وهو يلهث من التعب كذلك إن كان قد رأى حصانا .. فأجاب زريق :

إنه حصان الملك .. يرتفع في الجو مسافة خمسة أقدام وارتفاع ذيله ثلاثة أقدام ونصف وحداوت حوافره صغيرة من فضة ولجامه من ذهب عيار أربعة وعشرون قيراطا وهو من أحسن الجياد عدوا.

- أجل أجل أنه هو .. لقد رأيته إذن .

- كلا للأسف لم أره في حياتي ولا سمعت به قط .

شك كل من السائس والجارية بأن زريق هو من سرق الحصان والكلبة فادعيا عليه فتم القبض على زريق وحكم عليه بالموت ..

ولكن قبل تنفيذ الحكم تم العثور على الكلبة والحصان طليقان في البرية فتم إخلاء سبيل زريق لظهور براءته من تهمة السرقة ولكن .. تم تغريمه أربعمائة مثقال من الذهب لإنكاره رؤية الحيوانين ..

وكان قانون المدينة يحكم عليه أن يؤدي الغرامة أولا قبل أن يؤذن له في الدفاع عن نفسه أمام القضاة..

فدفع زريق الغرامة ثم وقف على المنصة مخاطبا القضاة :

يا نجوم العدل وكهوف المعرفة ....

وأخذ زريق يتزلف للقضاة ثم قال :

أما وقد أذن لي بالحديث أمام حضراتكم فأني أقسم بالرب العظيم أني ما رأيت أبدا الكلبة المحترمة للملكة المحروسة ولا الجواد المقدس لملك الملوك .. والذي حدث هو أني لما كنت أتنزه هناك رأيت أولا آثارا صغيرة على الأرض تشبه براثن الكلب .. الآثار الأمامية بعيدة عن الخلفية فاستنتجت أنها طويلة الجسم وأحد آثار القوائم أخف عمقا من البقية فعرفت أنها عرجاء .. وشاهدت أثرا لخطوط على الرمل تتوسط آثار الأقدام فعلمت أن ضروعها ممتلئة ولابد وأنها قد أنجبت منذ أيام ورأيت أثرا لخطين طويلين على الجانبين فعرفت أن للكلبة أذنين مسرفتين في الطول ..


أما الحصان فقد رأيت آثارا لحوافر صغيرة على الأرض في غاية الدقة والانسجام فقلت لنفسي هذا جواد متناسق الركض .. ورأيت أوراق الشجر قد تأثرت بارتفاع خمسة أقدام ولاحظت أن تراب الأوراق على جانبي المسار الذي سلكه الجواد قد انمسح بارتفاع ثلاثة أقدام ونصف بفعل ذيل الحصان، ورأيت غبارا ذهبيا علق في الأغصان من لجامه الذهبي فقدرته بعيار أربعة وعشرون قيراطا ولاحظت كذلك أثر فضة على بعض الحجر الذي خطت عليه حوافر الجواد ..


أبهر جواب زريق الجميع وأحرج القضاة بفطنته ودقة ملاحظته فحكموا بإعادة المثاقيل الاربعمائة من الذهب التي أخذت منه ناقصا ثلاثمائة وثمانية وتسعون مثقالا كلفة المحاكمة من أجور القضاة وكتابهم ولم يتبقى لزريق سوى مثقالين فقط ..

 

أقسم زريق مع نفسه أن لا يقول ما يرى عندما تسنح له الفرصة لأنه رأى كم يكون الإنسان على خطر عندما يكون واسع العلم في وسط جهلة ..

وقد سنحت هذه الفرصة سريعا .. فقد هرب سجين من سجن الدولة ومر من تحت نافذة زريق وعندما سئل زريق أجاب أنه لم ير شيئا .. لكن الحجة أقيمت عليه بأنه كان وقتها ينظر من نافذته فحكم عليه بأن يدفع غرامة مقدارها خمسمائة مثقال من الذهب وأن يتشكر من قضاته لأنهم رفقوا به كما جرت العادة في بابل أن يرفع المحكوم عليه الشكر الى القضاة ..

قال زريق لنفسه :

يا الله .. إن الإنسان لخليق بالرثاء عندما يتنزه في غابة مرت بها كلبة الملكة وحصان الملك .. وأنه لخطر عليه إن ينظر من نافذته .. وأنه لعسير حقا أن يسعد الإنسان في هذه الدنيا .

تعليقات

التنقل السريع